Selasa, 27 September 2011

نبذة تاريخية عن مجيئ الإسلام إلى إندونيسيا

المقدمـة
قال الله تعالى في كتابه العزيز:
"إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا." صدق الله العلي العظيم.

إندونيسيا هي دولة كبيرة وجميلة، تقع في جنوب شرق آسيا مع الدول المجاورة حولها كـ سنغافورا، ماليزيا، بروني دار السلام، تيلاند
يليبيند، أوستراليا، وتيمور ليستي. مع العلم أنه في الزمن القديم كانت كل هذه الدول باستثناء أوستراليا (التي كانت تحت سيطرة المملكة الهندوقية الجبارة "ماجا باهيت" التي أخذت عاصمتها في جاوى الشرقية) اشتهرت بـاسم "نوسانتارا". إذن، لو يوجد في كتب التواريخ الإندونيسية أو تراث قدماء البلد لفظ "نوسانتارا"، فالمراد به إندونيسيا وتلك الدول المجاورة حولها سوى أوستراليا، نظرا إلى عهدها القديم.
وما أخضر هذه الدولة!، حيث يقال إنها لؤلؤ الخط الإستوائي الذي لديه فصلان فقط؛ فصل المطر وفصل الصيف. وتتكوّن هذه الدولة من عدة جزُر ومناطق واسعة -من جزيرة سابنج إلى جزيرة بابووا وجزيرة ميراهوكي-، تعددت فيها التقاليد والعادات والأساطير والأديان المختلفة وغيرها. وهذا أمر واقعي خص بها الله تبارك وتعالى سكان البلد، إذن، فلا بد أن يكون هناك شئ مهم جدا يوحّد بين أبناء البلد المختلفين، وهو إيجاد وإنتاج بلدة طيبة ورب غفور.
الأمراء القدامى المؤسسون للجمهورية الإندونيسية ابتدعوا وانتشروا بشعار اشتهر بـ "بينيكا تونجال إيكا" (Bhineka Tunggal Ika) بمعنى نحن –المجتمع الإندونيسي- على عدة مختلفات وتفريقات ولكننا نتجه إلى مقصَد واحد وهو "جماه ريفه لوه جيناوي تاتا تنترم كرتا راهارجا" (gemah ripah loh jinawe tata tentrem kerta raharja) بمعنى بلد سلام ووئام وأمن وعدالة ورفاهية للجميع. هذا السعار مأخوذ من جوهرة القيم الأساسية لمبادئ الجمهورية الإندونيسية الخمسة، وهي:
1. الألوهية المنفردة. 2. الإنسانية العدالة المهذّبة.
3. وحدة إندونيسيا 4. الشعبية
5. الرفاهية والعدالة الاجتماعية.
هذه المبادئ الخمسة مكتوبة في بانساسيلا (Pancasila) الذي هو المبدأ الأول الأساسي الذي اتفق عليه جميع سكان البلد الإندونيسيين حينما وُلدت هذه الجمهورية الإندونيسية في 17 أغوسطس 1945 ملادية، لكي يوحّد الاختلافات والتفريقات فيما بينهم .
وانطلاقا من هذه الاختلافات والتفريقات في التقاليد والعادات والأديان وغيرها لدى سكان البلد اشتهر سكانه بمجتمع "بلوراليس" (pluralis) أي أنهم يحترمون ويعظّمون الأخرين، وإن كانوا جاءوا بعدة اختلافات من ثقافة وحضارة أخرى. وخير دليل على ذلك أن الحكومة الإندونيسية تبيح وتؤيد الأديان الخمسة الرسمية لدى مجتمعها، وهي: الإسلام، المسيحي الكاتوليكي، المسيحي البروتيستاني، الهندوقي، والبوذي.
وأضف إلى ذلك، إن المسلمين في إندونيسيا هم أكبر وأكثر عددا في العالم، حيث حوالي 85,2 % (أو 199.959.285 مسلما) من مجموعة سكان البلد 234.693.977 نسمة. وإن كان كذلك، لا يعني أن إندونيسيا بلد إسلامي مع كون القرآن والسنة دستورين أساسيين في تحكيم وتنظيم هذا البلد، بل سكانه اتفقوا على تطبيق نظام ديموقراطي جمهوري، حتى يسمى اليوم بجمهورية إندونيسيا، نظرا إلى تعدد الثقافات والتقاليد والأديان في مجتمعه.

حول نظريات تاريخية تبحث في مجيئ الإسلام إلى إندونيسيا
وبالنسية إلى كون سكان بلد إندونيسيا هم أكبر عدادا في العالم، هناك قصص تاريخية طويلة جدا جدا، حيث لا يمكن التكلم عن تلك القصص في مدتنا المحدودة هنا. واختصارا منها، حسب الباحثين والدارسين المتخصصين في التاريخ الإندونيسي كان هناك نظريات تاريخية حول دخول الإسلام إلى إندونيسيا ترتكز على ثلاث أسئلة أساسية التي اهتم بها المؤرخون، وهي: أين المكان الذي أخذه الإسلام عندما وصل في أول مرة إلى إندونيسيا؟ ومَن الذي جاء بالإسلام أول مرة إلى إندونيسيا؟ ومتى وصل الإسلام إلى إندونيسيا أول مرة؟
وانطلاقا من هذه الأسئلة الثلاث، من الجدير أن المؤرخين لايزالون يختلفون عن المكان الذي جاء فيه الإسلام أول مرة، حيث اختصر المؤرخ الإندونيسي أ.د/ أحمد منصور سوريا نيجارا أجوبة تلك الأسئلة الثلاث إلى ثلاث نظريات تاريخية، وهي:
النظرية الأولى: "جوجارات بالهند"، يعني أن الإسلام يعتقد بأنه جاء إلي إندونيسيا من جوجارات بالهند، عن طريق تجار مسلمي الهند في القرن 13 ميلادية.
النظرية الثانية: "الفرس"، يعني أنه جاء من الفرس عن طريق تجار مسلمي الفرس الذين تمتعوا مكانا في جوجارات بالهند قبل ذهابهم إلى نوسانتارا في القرن 13 ميلادية.
النظرية الثالثة: "مكة"، يعني أنه جاء مباشرة من مكة (الشرق الأوسط) عن طريق تجار العرب المسلمين في القرن 7 ميلادية.
ولكل واحد من هذه النظريات أدلة عقلية تاريخية (أركيولوجية) ترجح وتفضل نظرية عن بعضها، حيث لا يمكن التحدث هنا عن ترجيح وتفضيل إحداهن عن الأخرى، نظرا إلى عدم طاقاتنا في الدراسة التاريخية الأكاديمية المخضة. ولذلك نفضل هنا نظرية "مكة"، لا لكونها أفضل من الأخرى-حسب رأينا التاريخي-، وإنما لكى يكون هذا البحث موجزا ومركزا على موضوع معين، ولكون مكة مركز ومنبع ظهور شمس الإسلام تنور بقاع العالم كله.
إذن، انظلاقا من نظرية "مكة" نقول:

وصول الإسلام إلى إندونيسيا
في عام 30 هجرية أو حوالى 651 ميلادية، ليس ببعيد عن السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مجرد عشرين سنة تقريبا من وفاته عليه الصلاة والسلام، كان سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه قد أرسل نفودا إلى الصين للدعوة الإسلامية عموما وبالخصوص التعريف بكونه رئيسا للخلافة الإسلامية بعد وفاة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ومن خلال بعثتهم إلى الصين التي استغرقت أربع سنوات حيث كانوا بالفعل أخذوا مكانا في إحدى جزر في نوسانتارا، وتعاملوا وتعايشوا مع سكانها ودرّسوا الإسلام فيها خلال مدة قصيرة، نظرا إلى الواجبات الدولية التي أمربها أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. حتى اعتقد بعض شعب جزيرة "أتجية" في سومطرة الغربية بأن في منطقتهم ضريحين لبعض أصحاب رسول الله.
ثم مر الزمان حتى تولى على الدولة الإسلامية الأموييون رحمهم الله. وفي عام 674 ميلادية قررت الحكومة الأموية بأن يُـبنى على أرض جزيرة سومطرة الغربية مناء تجاري، حيث يكون طريقا لتجار العرب في بيع بضائعهم وشراء منتجات الصناعات اليدوية والمنتوجات الزراعية لدى شعب سومطرة. هذا هو أول التعارف والتعامل والتعايش السلمي بين المسلمين العرب والشعب الإندونيسي. وبعد ذلك الحين اشتهر اسم جزيرة سومطرة بكرم شعبها وسلوكهم الحسن وجمالية أراضيها وبحارها، حتى تجذب العرب وأبناؤهم – سواء كانوا تجارهم أو بـَحَّارتهم- إلى زياراتها والتعايش بسلام ووئام مع شعبها الكرماء، مع دون إغفالهم على واجبات الدعوة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة. وهذه الحالة التي حدثت مع مرور القرون بالقرون، حتى دخل إلى الإسلام فرد بفرد -قليلا فقليلا- من غير دم مهرق و لا سلاح.
وكما ذكر في المثل العربي: "قطرة قطرة يصير بحرا" هكذا دخول شعب نوسانتارا إلى الإسلام لم يكن أفواجا. وليعلم أن "أتجيه" الذي يقع في أقصى الغرب من الجزر الإندونيسية هي أول الجزيرة التي كان شعبها أكثر عددا أسلموا، حتى أقيمت عليها المملكة الإسلامية الأولى في إندونيسيا، التي اشتهر باسمها مملكة " "سامودرا فاسَاهي(Samudra Pasai) ". وذلك حسب ما سجله تسجيلا تاريخيا الرحال الكبير ماركوبولو "Marcopolo" الذي قد جاء إلى هذه الجزيرة راويا بأن في عام 692 هجرية أو 1292 ميلادية قد كثر عدد العرب الذين قاموا بالدعوة إلى الإسلام في هذه الجزيرة، واستقبلها أهلها بإخلاص واطمئنان قلوبهم. وتأكيدا لما قاله ماركوبولو قد حكى الرحال المغربي ابن بطوطة في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" عن نفسه بأنه قد جاء إلى المملكة الإسلامية المسماة بـ "سامودرا فاساهي" -الذي يُعرف الآن باسم "أتـجيه" (Aceh)، التي تنتمي بجزيرة سومطرة الغربية-، وذلك حدث في عام 746 هجرية أو 1345 ميلادية، دون إغفال بأنه قد تعرّف هناك على أُناس قريبين منه أكثر مما هم بعيدين عنه بالمسافة، فقد وجدهم أُناسا متديّنين بالإسلام يمتزِج لهم ما هو تقليدي بما هو شرعي –أي اشتهر لدى هذا المجتمع شعار "adat bersendi syariat dan syariat berdasarkan kitabullah dan sunnah Rasulullah " ، متخذين من المذهب الشافعي سندَهم الأساسي في العبادة والمعاملة. وأما بالنسبة لعادات هذا الشعب –كـ لباس، حفلات، سلوكيات، وغيرها – فهي قريبة إلى عادات الشعب الهندي.
وأما بالنسبة إلى البيّنة الأركيولوجية التاريخية فقد وجد المؤرخون في جريسيك (Gresik) جاوى الشرقية ضريحا قديما للمرأة المسلمة المسماة فاطمة بنت ميمون، الذي يكتب عليه عام 475 هجرية / 1028 ميلادية. وذلك العام المذكور عليه هو موافق لعهد المملكة الهندوقية "سيعاساري" (Singasari). وهذا أيضا دليل على وجود العلاقة الوثيقة بين المجتمع الإندونيسي والمسلمين العرب.
حتى في القرن 8 الهجري / 14 الميلادي، مازال سكان نوسانتارا أسلموا فرادى فرادى. ثم في القرن 9 الهجري أو 14 الميلادي هم أسلموا أفواجا أفواجا. وقد رأى المؤرخون بأن دخولهم إلى الإسلام جماعة جماعة هو ما أدى إلى ظهور القوة السياسية والاجتماعية لدى المسلمين، وخير دليل على ذلك هو إقامة الممالك الإسلامية كـ المملكة الإسلامية "أتجيه دار السلام" في سومطرة الغربية، المملكة الإسلامية "مالاكا" (ماليزيا حاليا)، المملكة الإسلامية "دماك بينطارا" في أرض الجاوه، المملكة الإسلامية "جيربون" في أرض الجاوه أيضا، و المملكة الإسلامية "تيرناتي" في شرق جزيرة نوسانتارا. وحيث كان معظم ملوكها هجينين بين سلالة ملوك الشعب الإندونيسي قبل مجيئ الإسلام وسلالة علماء العرب المهاجرين إلى نوسانتارا.
واضف إلى ذلك، أن القرن 14 و 15 ميلادية يعتبر عصرا ذهبيا للدعوة الإسلامية في إندونيسيا، مع كونه عصرا انخطاطيا للممالك الهندوقية والبوذية، سياسيا كان أم اجتماعيا. وقد قال أرنولد طوماس Arnold Thomas في كتابه The Preaching of Islam بأن الإسلام جاء إلى إندونيسيا بسلام وليس بسلاح كما قد فعلت الحكومة الأسبانية والبرتغالية، الإسلام جاء إلى شرق آسيا بوئام، من غير سلاح، ولا عن طريق اغتصاب القوة السياسية، حقا إن الإسلام جاء إلى نوسانتارا عن طريق ظهور الأخلاق الإسلامية مع احترام التقاليد المحلية والأديان الوضعية، وهذا موافق على أنه رحمة للعالمين.
ومع كون اشتغال الشعب الإندونيسي في تعلم الإسلام وإقامة الممالك الإسلامية بتمزيج ما هو فكر ديني بما هو فكر وضعي إندونيسي، كثير جدا من التجار المسلمين من بقاع العالم الإسلامي جاءوا إلى إندونيسيا حيث كانت علاقتهم بالمجتمع الإندونيسي وثيقة كـعلاقة أخوية بين المهاجرين من مكة و الأنصار في المدينة المنورة. وتاريخيا، كان أكثر المهاجرين العرب إلى إندونيسيا هم الحضرميون باليمن، وحسب كتاب تاريخ حضر موت هذه الهجرة تعتبر أكبر هجرة في التاريخ الحضرمي.

صورة الدعوة الإسلامية في إندونيسيا...الأولياء التسعة نموذجا
ومعروف لدى المؤرخين أن الدعوة الإسلامية في عهدها المبكر في نوسانتارا قام بها الصوفيون، حيث معروف لدى الشعب الإندونيسي أحدهم الشيخ مولانا مالك إبراهيم المغربي الذي تعلم على يده علماء المسلمين الإندونيسيين المشهورون بـ الأولياء التسعة (Wali Songo)، هم مولانا مالك إبراهيم المغربي (الشيخ الأكبر)، سونن بونانج، سونن أنـمبيل، سونن دراجة، سونن جيري، سونن قدس، سونن كالي جاكا، سونن موريا، وسونن جونونج جاتي. وجدير أيضا أن من يد هؤلاء الأولياء التسعة كانت المملكة الإسلامية "دماك بينطارا" في أرض الجاوه أقوى مملكة في نوسانتارا سلاحيا وعسكريا، مع كون عاصمتها بـدماك جاوى الوسطى مركزا للدعوة الإسلامية وانتشار العلوم الإسلامية.
وأما طرق دعوتهم الإسلامية فمعروفة حتى الآن، وهي بإنتاج الغناء والأشعار والنظم والخطب الدينية المسماة بـ "سرات" Serat ، وكذلك بانتاج القصص الإسلامية المجسدة بالدمى. وليس لديهم أي مؤلَّف ككتاب، لأن حينئذ لم تكن الدعوة صالحة بالكتاب، مع انشغالهم في تقوية المملكة الإسلامية دستوريا وعسكريا.
وقد جاءت دعوتهم الإسلامية على أساس احترام التقاليد المحلية والعقائد الوضعية، وإن كانوا من عظماء المملكة. وخير دليل على ذلك هو وجود مسجد "الأقصى" في مدينة "قدس" جاوى الوسطى، الذي بُـني على أساس التعاون الوثيق بين المسلمين والهندوقيين، ولذلك شكلُ هذا المسجد شبه المعبد لدى الهندوقيين. وانطلاقا من قوة الاحترام بين أبناء الأديان المختلفة أفتى الفقيه الشيخ جعفر صادق المعروف باسم "سونن قدس" أحد الأولياء التسعة على سكان مدينة "قدس" بتحريم أكل لحوم البقرة، احتراما على الهندوقيين الذين يقدّسونها حسب معتقداتهم، إذن حتى الآن أهل مدينة "قدس" لا يأكلون البقرة.
وإضافة إلى ذلك، كان رادين شهيد أو سونن كالي جاكا أحد الأولياء التسعة أدخل القيم الإسلامية في التقاليد المحلية، مثلا: تقاليد "ميتو، ياتوس و ييوو" أى حفلات للموتى مع إحراق البخور الجاوية، التي أدخل فيها "رادين شهيد" القيم الإسلامية؛ وهي إهداء ثواب قراءة القرآن للميت والذكر جماعة وسماع القصص والنصيحة الدينية من حضرة رادين شهيد.
ومن حيث المسائل الدينية كان هؤلاء الفقهاء لا يفتون بذكر الأيات القرآنية و الأحاديث النبوية حتى أقوال العلماء المعتبرة، وهم ابتعدوا عن قول "الحرام"، "البدعة"، "الشرك" أو "الكفر"، بل عرضوا إجابتهم الفقهية بالمثل الجاوي أو بالمنطق، عملا لقوله عليه الصلاة والسلام "يسِّروا ولا تعسِّروا" و قوله أيضا "تكلموا الناس على قدر عقولهم".
مثلا: الدعوة إلى فرضية ذبخ الحيوان في يوم عيد الأضحى، فقد قال رادين شهيد:"من أراد دخول الجنة راكبا على غنمه أو جاموسه فـعليه أن يذبخه في يوم عيد الأضحى –لمن استطاع على ذلك"، ثم سئل: يا شيخي، عندي جاموس واحد فهل يمكن في الأخرة أن يرتكب عليها ستة أشخاص و طفل صغير من أسرتي جماعيا؟؟ (في الفقه الشافعي أن الجاموس الواحد يكفي لستة أشخاص فقط) فأجاب رادين شهيد: عليك أن تذبخ غنما واحدا لأن الطفل الصغير يحتاج إلى سُلاّم لكي يستطيع أن يرتكب مع اسرتك على الجاموس.
أضف إلى ذلك، وقد أثّرت حينذاك على تدين المسلمين بأرض الجاوة الثقافة الفارسية، وهي انتشار عقيدة الحلاج الفارسي المسماة بـالوحدة المطلقة أو باللغة المحلية “Manunggaling Kawulo Gusthi”، حيث أنه يُحكم على شيخ هذه العقيدة الشيخ سيتي جنار أو الشيخ ليماه أبانج القتلُ حسب إجماع الأولياء التسعة وموافقة ملك المملكة الإسلامية "دماك بينطارا" رادين فـتَّاح.
وسوى هذه العقيدة المؤثرة من الثقافة الفارسية هناك حفلات محلية تسمى بـ "الشورى" المأخوذ من لفظ "عاشوراء" –أي الحفلات التي تقام كل العشرة الأولى من شهر المحرم وأقصى هذه الحفلات يوجد في يوم العاشر من شهر المحرم، حيث ادعى زعماء الشيعة حاليا على أن تلك الحفلات خير دليل على وجود تأثر الثقافات الفارسية المعروضة تحت الموضوع "ذكرى موقعة كربلا". ولكن، "الشورى" في إندونيسيا لا يقام لأجل أيِّ ذكرى أو عيد معين، وإنما هذه الحفلات هي من التقاليد المحلية، ثم أدخل فيها الأولياء التسعة برنامج مجلس العلم والذكر معا.
ومن سبب دعوة هؤلاء العلماء الكرام وُلد كثير من العلماء الإندونيسيين، وبعضهم قد وصل على المستوى الدولي؛ كـ الشيخ النواوي البنتني المشهور بمفتي الشافعية في البلد الحرام الذي ألّف عدة كتب منها التفسير المنير أو تفسير مراح لبيد، قامع الطغيان، نصائح العباد وغيرها، والشيخ ياسين الفاداني المعروف بمسند الدنيا في الحديث وعلومه، والشيخ محفوظ الترماسي الذي يكون كتابه منهج ذوي النظر مقررا لطلاب ماستر في الحديث في الأزهار الشريف بالقاهرة، وغيرهم كثير.

الخلاصة
وهذا هو ما فضله الله عز وجل على الشعب الإندونيسي. وانطلاقا من البحث سالف الذكر يمكننا أن نلاحظ عدة نقط تالية:
1) الإسلام جاء إلى إندونيسيا عن طريق التجار المسلمين العرب.
2) الشعب الإندونيسي أسلموا بإخلاص وسكينة قلوبهم.
3) الممالك الإسلامية في إندونيسيا تقام على أساس إختيار واتفاق جُلّ المجتمع الإندونيسي، دون دم مهرق ولا اغتصاب القوة السياسية.
4) الدعوة الإسلامية جاءت بتدخلها في التقاليد المحلية والحفلات الوضعية، واختلاط علمائها بالشعب كلهم، دون تفصيلهم بما هو ثري أو فقير، جاوي أو صيني.
هكذا، لقد كانت الدراسة التاريخية عن الإسلام في إندونيسيا تحتاج إلى فهم عميق ووقت طويل، ولذلك هذا البحث الذي قمنا به لا يكون إلا من ناحية نظرات كاتب هذا البحث -طبعا حسب طاقته هو-، وهذا لا يخلو عن الأخطاء والمغالطات، حيث لابد هناك الاقتراحات والنقاد البناء. وأخيرا، نسأل المولى الكريم أن ينفع علومنا. آمين

Tidak ada komentar:

Posting Komentar